العواقب والآثار النفسية للإساءة الجنسية
باختصار
- التعرض لإساءة جنسية هو حدث صادم قد يؤدي إلى عواقب وإسقاطات نفسية وجسدية طويلة وقصيرة الأمد.
- استجابة طبيعية لحالة غير طبيعية: تنبع غالبية الإسقاطات والآثار من آليات حماية يستخدمها الجسم والعقل لمواجهة الصدمة
- تتغير الاستجابات للصدمات (خاصة الصدمات الجنسية) من شخص إلى آخر
- تقدم خدمات المساعدة دعمًا ومرافقة عاطفية وعملية للمتعاملات والمتعاملين مع آثار وعواقب الإساءة

الإساءة الجنسية حدثٌ صادمٌ ومؤلم يزعزع وجهات نظرنا وأفكارنا حول العالم: سواء كان ذلك بشأن كوننا نعيش في مكان آمن، أننا نملك السيطرة والقدرة على إدارة حياتنا وحماية أنفسنا، أو أن معارفنا مهتمون بمصلحتنا ولن يسببوا لنا الأذى أو الضرر. تؤثر الإساءة الجنسية على الطريقة التي نعيش بها العالم، إدراكنا لذاتنا، وعلاقاتنا.
على خلاف الصدمات الأخرى، غالبًا ما تحيط بالصدمات الجنسية هالة من الصمت، وكثيرًا ما يضطر المتعرضون والمتعرضات للإساءة لمواجهتها وحدهم\ن دون أي دعم أو اعتراف اجتماعي لما مرّوا به، على مدى سنوات وأشهر أحيانًا حتى. كثيرًا ما يُسبب كتمان السر، في حد ذاته، عبئًا نفسيًا كبيرًا يصعب على التأقلم والتعافي.
مثل أي حدث صادم آخر، تثير الإساءة الجنسية عواقب نفسية قد تظهر على المدى القريب أو البعيد. هذه العواقب هي استجابات العقل والجسم الطبيعية للمواقف الصادمة، تمامًا كما يتعامل الجسم مع الجرح بواسطة الألم وتخثر الدم. لا يمكننا التنبؤ بما سيكون عليه رد فعلنا تجاه المواقف الصادمة، ولا سيطرة لدينا على ردود فعل الجسم والعقل التلقائية. تختلف ردود الفعل للأحداث الصادمة من شخص إلى آخر، قد يعاني كل شخص من أعراض مختلفة حتى بعد أحداث مماثلة.
من المهم أن تعرفوا أيضًا أن أعراض ما بعد الصدمة قد تظهر نتيجةً لأحداث ومواقف حياتية متنوعة، ولا تشير إلى التعرض لإساءة جنسية بالضرورة. يمكنك قراءة المزيد عن الخطوات الواجب اتخاذها في حال الشك بحدوث إساءة جنسية – هنا.
العواقب والآثار النفسية قصيرة الأمد
الأيام والأسابيع التي تلي حدوث الإساءة تسمَّى باللغة العلمية “المرحلة الحادة”. تتميز هذه المرحلة بالارتباك والقلق وعدم الاستقرار. تنقسم ردود الفعل النفسية خلال هذه المرحلة إلى فئتين رئيسيتين:
- انطواء – تجنب المواقف المتعلقة بالصدمة: تجنب التحدث عمّا حدث، الانطواء وتجنب أماكن، أشخاص وأحداث تذكرّ الضحية بالصدمة، انقطاع عاطفي، فراغ حسّي، ولامبالاة وعدم الاهتمام بما يحدث.
- يقظة وتنبّه زائد – انغمار بالمشاعر يتجلى في البكاء، كثرة في الكلام، ارتجاف وعصبية، حساسية للأصوات والروائح، نوبات غضب، صعوبة في النوم.
قد تؤدي الإساءة الجنسية أيضًا إلى ظهور مشاكل جسدية، منها التهابات في المسالك البولية أو الحَلْق، تلوث، أمراض منقولة جنسيًا، وحمل غير مرغوب فيه.
هنالك حالات لا تظهر فيها أي من الأعراض بتاتًا، أو قد تظهر أعراض من كلا الفئتين. تزول الأعراض من تلقاء نفسها، أحيانًا، وقد تتطلب مساعدة طبية أحيانًا أخرى.
إن استمرت الأعراض لأكثر من شهر وتسببت في اختلال وظيفي في مجالات الدراسة، العمل، العلاقات الأسرية أو الاجتماعية، وما شابه، من شأنها أن تتفاقم وتصبح اضطراب ما بعد الصدمة، وعندها ينصَح بالتوجه لتلقّي مساعدة طبية.
العواقب والآثار النفسية طويلة الأمد
بعد مرور بضعة أشهر من الإصابة، تبدأ مرحلة “إعادة تنظم” يتجاوب فيها الجسم والعقل مع الصدمة في محاولة لاستعادة قدرتهما على أداء وظائفهما كما يجب. قد تظهر في هذه المرحلة أعراض نفسية وجسدية مصدرها بالإصابة، و\أو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
الأعراض الجسدية: توقف الدورة الشهرية، مشاكل في الهضم، آلام في الرأس والمعدة والحلق. قد يكون رد فعل الجسم أحيانًا آلامًا يصعب تحديدها.
ردود نفسية وعاطفية شائعة (وطبيعية) لدى الضحية
- الشعور بالإهانة والعار، انخفاض بالتصور الذاتي، لوم الذات ولوم المعتدي والنظر إليه كمدمرّ للحياة، الرغبة في العودة بالزمن إلى الوراء، الغضب، الرغبة في الانتقام.
- مخاوف عديدة قد تصل درجة الإصابة برهاب (فوبيا) مرتبط بظروف الاعتداء، أو شيء آخر.
- ذكريات اقتحامية للحدث قد تتجلّى في مشاهد فلاشباك، هلوسة، وكوابيس. محفزات (تريجرات) للمشاعر قد تثيرها أشياء وأغراض مختلفة، أشخاص، روائح، أصوات، أذواق، وأماكن مختلفة.
- صعوبة في ممارسة الجنس والاستمناء، النفور والخوف من الجنس والعلاقات العاطفية.
- غضب، صعوبة في التنظيم العاطفي، نوبات غضب تبدو مبالَغة بها.
- اضطرابات في الأكل.
- اكتئاب.
- الشعور كضحية مرة أخرى – عودة لا واعية لمواقف خطرة تؤدي إلى إصابات متكررة.
- إيذاء النفس وميول انتحارية.
- تعاطي المخدرات والإدمان.
من المهم معرفة أن العلاج النفسي المناسب ومعالجة الصدمة النفسية قادران على تخفيف أعراض ما بعد الصدمة بشكل ملحوظ، والمساعدة في أداء المهام اليومية. تلقِّي العلاج بعد وقت قصير من الإصابة بإمكانه تخفيف المعاناة والتقليل من عواقبها.
ما الذي يحدث في حالة التعرض إلى إساءة جنسية متواصلة؟
هنالك علاج مختلف اليوم مخصص لتأثير الصدمة المستمرة، حيث تعيش الضحية في ظل الإساءة لمدة أطول. غالبًا ما تُسمى العواقب النفسية لهذه الحالات بـ “اضطراب ما بعد الصدمة المعقد” (CPTSD). قد يُعاني من تعرضوا للعنف والإساءة الجنسية في العائلة أو خارجها لفترة متواصلة من اضطراب ما بعد الصدمة المعقد.
يتميز اضطراب ما بعد الصدمة المعقد بالأعراض التالية (جميعها أو جزء منها):
- تغيرات في تنظيم العواطف والاندفاعات: ضيق مستمر، ميول انتحارية لفترة مطولة، إيذاء النفس، نوبات غضب أو غضب مكبوت، دوافع جنسية قهرية أو مكبوتة.
- تغيرات في الوعي: نسيان أو ذاكرة مفرطة للأحداث المؤلمة، انفصال، استعادة الصدمة في ذكريات فلاشباك، أو تفكير زائد بالأحداث.
- تغيرات في تصور الذات: الشعور بالعجز أو التوقف عن المبادرة، الخجل، الشعور بالذنب ولوم الذات، الشعور بعدم النقاء، الشعور بالاختلاف والابتعاد عن الآخرين.
- تغيرات في تصور المعتدي: انشغال مفرط بالعلاقة به (بما في ذلك التفكير بالانتقام)، التفكير به كشخص بالغ القوة بشكل غير واقعي، تمجيد أو امتنان، اعتبار العلاقة مع المعتدي خاصة أو خارقة للطبيعة، قبول معتقداته أو مبرراته.
- تغيرات في العلاقات مع الآخرين: عزلة وانطواء، تشوش في العلاقات الحميمة، بحث متواصل عن منقذ، انعدام ثقة متواصل، إهمال النفس.
- تغيير في الشعور بالمعنى: فقدان الثقة بالنفس، شعور باليأس وانعدام الأمل.
ما الذي من الممكن فعله للتخفيف من أعقاب وآثار الإصابة؟
اتسعَّت المعرفة المهنية بعواقب الصدمات الجنسية بشكل كبير في السنوات الأخيرة، رافقتها مجموعة متنوعة من أدوات وطرق علاج تساعد على التعامل مع عواقب هذه الإساءة. هنالك خيارات متعددة أيضًا لتلقي علاج نفسي مخصص.
لا تبقوا وحدكم\ن مع الألم.
للمزيد من المعلومات عن إمكانيات العلاج المختلفة اضغطوا هنا
آخر تحديث في: 11.08.2025